Sunday, January 26, 2014

"الدم" !!



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته  

اليوم هو ٢٦ يناير ٢٠١٤ .. اكتب عن رائحة الدم و ظلمة السجن التي اصبحت جزء من حياتنا اليومية .. عن مستقبل يراه كل من يري ان هذه السلطة مخطئة .. فينتظر كل يوم اما ان يموت او ان يُسجن بدون فعل اي جرم الا انه معارض للحال الذي وصلناه مع هذه السلطة الجديدة .. قد يكون كلامي اليوم غريب للبعض .. 

اولا اسمح لنفسك ان تنزل اليوم مشرحة زينهم لتري اهالي من نحسبهم عند الله شهداء ... انظر الي رد فعلهم .. الي حزنهم .. الي غضبهم .. و اسمح لنفسك و لو للحظة ان تكون في مكانهم .. فانت العاقل الرزين الذي تعتمد في كل استنتاجاتك و احكامك علي المنطق البسيط .. لكن الامور هي اعقد قليلا او كثيرا مما تفكر فيه .. لانك ستجد ابعاد اخري كثيرة كانت بعيدة عن عينك و عن فكرك !!

ثانيا اسمح لي ان انقل اليك مشهد صغير عن البارحة الذي عشناه في الشارع ...احتفالات بذكري الثورة من اناس معظمهم لا يعترفون اساسا بالثورة و يظنون ان كل من اشترك فيها عملاء و خونة مأجورين جاءوا ليهدموا الدولة و يخربوا مصر .. نزلوا في الميادين مع من قتل شهداء الثورة بدون محاسبة و لا تطهير و لا اعتراف حتي بالخطأ .. نزلوا معهم يمجدونهم و يهللون لهم كأنهم رفقاء الثورة الذين ساعدوا علي خلع نظام مبارك لا حمايته و لو علي حساب ارواح الشهداء ... و مشهد اخر عن رفاق خرجوا في مسيرات سلمية من اماكن مختلفة رافضين لهيمنة العسكر علي اختيار مصير البلد و القتل العشوائي و انتهاك الحريات و الاعتقال العشوائي و زوار الليل و رجوع رموز دولة مبارك و التصفية من كل من يعارض طريقتهم في الحكم .. فما ان مر عشر دقائق علي خروج المسيرات لتنادي ضد ما تراه اخطاء السلطة حتي انهالت الداخلية عليهم بالغاز و الخرطوش و الحي و الاعتقال وسط حماية ممن يسمونهم “الاهالي الشرفاء” ... و وسط تعتيم اعلامي بل و تزوير اعلامي فاضح ان المسيرات اشتبكت مع الداخلية اولا بالخرطوش و الحي و المولوتوف .. مما اعطاهم غطائا اعلاميا عند ممن يجلس في بيته ليصفق لقوات الامن الباسلة التي حمت الوطن من الارهابيين الخونة .. و يزايد علي وطنيتهم في بيته غير عابئ ان هؤلاء رغم علمهم بخطورة الاوضاع مستعدون ان يضحوا بحريتهم بل و حياتهم فقط ليوصلوا الفكرة ان السلطة مجرمة  ... و ان الجري ورائها عميانا لن ينتج الا نظام ديكتاتوريا اخر اسوء من نظام مبارك.. و هو ما نتج فعلا في هذا اليوم عن قتل اكثر من مائة شخص و اعتقال اكثر من الف شخص .. وسط تهليل و تصفيق الكثير .. !!

ثالثا .. دعنا نتكلم عن التفجيرات التي تظن اني اتجهالها عمدا .. عن الارهابيين .. البعبع الجديد الذي بسببه تظن ان علينا ان ننسي كل الحريات و كل شعارات الثورة و مكتسباتها لنحاربه ... لنوضح نقطة واحدة .. و لن اقول لك ان التفجيرات من صنع السلطة او المخابرات او من سخافة فكرة ان يفجر طرف مناطق متعددة قبل يوم من نزوله و اطراف اخري كثيرة تختلف معه و لا تؤيد اهدافه غير في نقطة واحدة.. ان هذه السلطة مجرمة.. ليخرب اي فرصة لهذه المظاهرات ان تؤدي غرضها في نقل صورة للشعب بمواقفها و اعطاء غطاء رائع للسلطة ان تذبح و تعتقل فيهاو اتفق معك ان هذا من فعل الارهابيين ... لكن النقطة ان الارهاب دائما و ابدا هو من صنع النظام .. و قبل ان تشتم و تسب و تظن اني اؤيد فكر التفجير و الارهاب .. استمع الي بقية كلامي ... الارهاب دائما من صنع النظام .. الارهاب يتغذي علي ظلم النظام و قتله و اعتقاله العشوائي للشباب خصوصا .. يتغذي علي ذاك الغضب العارم من التعذيب و القتل و الاعتقال و عدم القصاص و غياب العدل الذي نعيشه منذ الازل ... و بعد ان تكلمنا مرارا و تكرارا عن ان الاخوان باعونا في محمد محمود و مجلس الوزراء و ماسبيروا و غيرهم من المواقع الذي تعترف ضمنيا ان هناك جهة مظلومة و ان الاخوان باعوها في هذه المواقف العدة ... هل تم محاسبة من ظلم الجهة المظلومة؟! الجهة الظالمة التي تتمثل في قوات الداخلية و قوات الجيش التي قتلت في محمد محمود و ماسبيرو و مجلس الوزراء و غيرها ... هل  تجد احد من الداخلية موجودين في القفص مع مرسي في تهمة احداث الاتحادية الذين اعطوا الغطاء و الحماية لانصار مرسي آن ذاك في قتل و تعذيب الناس .. ام انك تناسيت كل هذا و صبيت كامل غضبك علي الاخوان فقط ؟! ... و طبعا ان نزلت للمشرحة كما ذكرت لك سابقا ستري في عيون الاهالي ذاك الغضب العارم التي اتحدث عنه الذي يتغذي الارهاب عليه ... فالم تكن السلطة هي صاحبة التفجيرات فهي اكيد صاحبة حدوث هذا الغضب العارم الذي تغذي عليه هذا الارهاب بغياب العدل المتكرر في هذا الوطن  ... انني لا اعطي تبريرات للارهاب لكنني ببساطة احلل اسباب حدوثه لايجاد الحل المناسب للقضاء عليه ... و لقد اصبح واضحا ان الحل الامني في القتل العشوائي و الاعتقال العشوائي ليس هو الحل .. فكلما زادت نسبة هذه الانتهاكات زاد الارهاب و افعاله و لم ينقص ... و لم تكن “نعم” للدستور هو الحل للقضاء علي الارهاب كما كانت الدعاية الرخيصة للدستور تتحدث  في هذا الجو من الحرية الوهمية والباهتة و الاستفتاء الوهمي علي الدستور من اعتقال كل من نادي ب”لا” علي انه ارهابي خائن و عميل .. و الدعاية  ل”نعم” في كل مكان من شوارع و اعلام  حتي انني ظننت لوهلة ان اراها في حمام بيتنا ... العدل يا سادة هو السلاح ضد الارهاب ... الحرية و الكرامة لكل فرد من افراد الشعب هو السلاح ضد الارهاب ... طالما كنت استغرب عندما اقرأ التاريخ عن التفات الشعوب حول الظغاة المجرمين مثل هتلر و غيرهم .. لكن ليس بعد اليوم .. فقط اعطي الشعب البعبع المناسب ليخافوا منه فقط لتجدهم يلتفون حولك ليهنئوك علي اشنع الافعال التي ترفضها كل فطرة سليمة و تتناساها فقط لتقول “ايه الي وداهم هناك ؟! “ !!

يا سادة السلطة المطلقة مفسدة مطلقة ... انت الان تتنازل عن حقك في ان تعارض اي خطوة لهذه السلطة في المستقبل  .. انت الان ترضي ان ترجع لتعيش حياتك داخل الحائط لا بجانبه .. ظنا منك ان هذا الثمن مقابل امنك و امانك و استقرار البلد ... تقبل ان يتم التضحية بجزء من الشعب فقط  ظنا منك انك بهذا ستعيش آمنا و مستقرا .. و ترضي ضميرك  بانهم ارهابيين و خونة و عملاء او علي الاقل منقادين اغبياء ممسوحي العقل .. هل فكرت لحظة انك الان تُقاد كما تظن انهم يُقادوا ؟! لا طبعا انت تظن انك بكامل عقلك اخترت هذا .. بالضبط كما يظن من تظن انت انهم يُقادون ... فهل ان انقلبت الايه و جاء من تعارض في السلطة يعطيهم الحق ان يقتلوك و يعتقلوك .. لا ليس لهم الحق .. فتفكر قليلا  .. تصرفات السلطة الان لن تأتي بالامن لانها خالية من  العدل .. فقط ستجلب الدمار و الدم ... انسي الانتمائات .. انسي الوجوه و الرموز و دافع عن المبادئ .. عن الحق .. عن العدل .. عن الكرامة .. هذه المبادئ هي من ستجلب الامن و الاستقرار و رخاء هذا البلد .. قد تقول اني افكر بمثالية .. فهل هذا عيب ؟!  المحاولة للوصول للمثالية هو الطريق الصحيح لتحقيق الفارق ... فاستقم يرحمك الله !!